هل نظرت يوما إلى العالم من حولك فوجدته أبيض وأسود؟ هل فقدت طعم القهوة الصباحية، ودفء أحضان الأحبة، ومتعة الهوايات التي كانت تشعل شغفك؟ هذا الشعور الغريب له اسم في علم النفس: فقدان الشعور بالمتعة أو "انعدام التلذذ".
إنه ليس مجرد يوم سيء أو حزن عابر، بل هو شعور وكأن دائرة المتعة في دماغك قد انطفأت. أنت تفعل كل شيء كما اعتدت، لكنك لا تشعر بأي شيء.
لماذا يحدث هذا؟ السبب قد يكون في كيمياء دماغك
غالبًا ما يكون فقدان الشعور بالمتعة عرضًا رئيسيًا للاكتئاب، لكنه قد يظهر أيضًا مع:
- اضطرابات القلق والفصام.
- الأمراض العصبية مثل باركنسون.
- الآلام المزمنة أو إصابات الدماغ.
السبب العلمي وراء ذلك غالبًا ما يكون خللاً في نظام "المكافأة" في الدماغ، وانخفاضًا في مستوى "الدوبامين"، الناقل العصبي المسؤول عن مشاعر السعادة والتحفيز.
اللامبالاة أم فقدان المتعة؟ فرق مهم
الكثيرون يخلطون بين فقدان الشعور بالمتعة واللامبالاة، لكن الفرق جوهري:
- اللامبالي لا يملك الدافع للبدء في أي نشاط.
- الشخص الذي فقد المتعة قد يبدأ النشاط، لكنه لا يجد أي متعة أثناءه أو بعده. كأنه يأكل ولا يطعم، ويسمع الموسيقى ولا يشعر بها.
أشكال فقدان المتعة: ليس نوعًا واحدًا
لا يظهر انعدام التلذذ بشكل واحد، بل له عدة أوجه:
1. الفقدان الجسدي: عندما تفقد المتعة في الأكل، الشرب، اللمس، أو حتى الاستمتاع بالروائح الجميلة.
2. الفقدان الاجتماعي: وهو العزلة والانفصال العاطفي عن الأصدقاء والعائلة، حيث تصبح اللقاءات الاجتماعية عبئًا ثقيلاً.
3. أنواع أخرى: مثل فقدان المتعة في التخطيط للمستقبل (الاستباقي)، أو في الاستماع للموسيقى، أو في العلاقة الحميمة.
العلامات التي تنذرك: أعراض لا يجب تجاهلها

إذا لاحظت هذه العلامات في نفسك أو في شخص تحبه، فقد تكون مؤشرًا على فقدان الشعور بالمتعة:
- الشعور بخدر عاطفي وفراغ داخلي.
- فقدان الاهتمام بالهوايات والأنشطة المفضلة.
- الانسحاب من التجمعات العائلية والاجتماعية.
- تراجع الدافع والطاقة لأبسط المهام.
الأمل موجود: كيف نستعيد المتعة المفقودة؟
الخبر السار هو أن فقدان الشعور بالمتعة قابل للعلاج. المتعة يمكن استعادتها مثل العضلة التي تحتاج إلى تدريب. يعتمد العلاج على تشخيص السبب الرئيسي ويتضمن:
العلاج الدوائي: مثل بعض مضادات الاكتئاب التي تستهدف نظام الدوبامين في الدماغ.
العلاج النفسي: وخاصة "العلاج السلوكي المعرفي" و"العلاج التنشيطي"، الذي يساعدك على كسر دائرة العزلة والعودة تدريجيًا لممارسة الأنشطة الممتدة.
تقنيات متقدمة: مثل التحفيز المغناطيسي للدماغ (TMS) للحالات المقاومة.
لماذا يجب ألا نتجاهله؟
تجاهل فقدان الشعور بالمتعة لا يعني فقط العيش بحياة بلا ألوان، بل قد يؤدي إلى:
- تفاقم الاكتئاب والحالات النفسية المصاحبة.
- تدهور الصحة الجسدية بسبب إهمال الذات.
- العزلة الكاملة وتدمير العلاقات.
الخلاصة: أنت تستحق أن تشعر بالبهجة
تذكر دائمًا: فقدان الشعور بالمتعة ليس اختيارًا أو ضعفًا في الشخصية، إنه حالة طبية تحتاج إلى فهم وعلاج. طلب المساعدة الطبية هو أول وأهم خطوة في رحلة العودة إلى حياتك. المتعة هي حقك، واستعادتها ممكنة. ابدأ الخطوة الأولى، وعُد لإضافة الألوان إلى عالمك من جديد.
الــــــــمراجـــــــع:
- Mayo Clinic
https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/depression/in-depth/anhedonia
- Harvard Health Publishing
https://www.health.harvard.edu/mind-and-mood/what-happens-when-you-cant-feel-pleasure
- American Psychological Association (APA)
https://www.apa.org/news/press/releases/anhedonia-mental-health
- Cleveland Clinic
https://my.clevelandclinic.org/health/diseases/23144-anhedonia
